مخلاة
أنس التعاليل.. وتغزل بالحرار وتوجد على فقدانها
الشعر.. فاكهة المقانيص!
علي المسعودي
منذ القدم اقترن الصيد بالفروسية، وكان الصيد مما تكتمل
به فروسبة الفارس، فهو فن الرمي والإتقان في الإصابة وحسن التسديد مع حسن التصرف،
كما أنه من كرم النفس وعفة اليد
وصاحب القنص يتخلق بأخلاق الفرسان، وتقوى دربته للحرب
ولقاء العدو، وجاء في بعض الآثار أن سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه
كان عائداً من القنص يركب فرسه ويحمل صقره فوق يده عندما سمع باعتداء أبي جهل على
ابن أخيه النبي الكريم محمد عليه السلام فهب لنجدته معناً اسلامه.
أما الشعر فهو فاكهة الفروسية والشعر وأنس التعاليل في
ليل تجمع الهواة بعد نهار ملئ بالأحداث.. فحول جمر الحكايات وهيل المحبة تحلو
أناشيد القصيد العذب في الطير وفي الحبيب وفي الفقد واللقاء ووصف الطيور ورحلات
القنص، وقد برع عدد من الشعراء في هذا المجال واستهرت أبيات عديدة تغنت بالحرار
وماحولها، فقال الشاعر الأمير خالد الفيصل يقارن بين حاله وخال طيره في الهوى
والانطلاق:
واهنيـك لــك جـنـاح تطـيـر=
لى طرى لك نزعت وطرت يم الهوا
بين قلبي وبينك فـرق والله كبيـر=
لى كفخت انطلقت ولى كفخت التوى
انت حايم وانا بالقاع دوبـي اسيـر=
في صحاري زماني ذيب ليلي عوى
فوق جوك سحاب وحدر جوي هجير=
القدم فوق رمضا والخفوق التـوى
الحذر يا صقر لا يشبكونـك اسيـر=
ويل صقرٍ يتله مربطـه لـى نـوى
برقعته اللّيالي فـوق وكـرٍ قصيـر=
عقب صفقه جناحه بالهوا لى اهتوى
كل حرٍ الى ضاق انتهـض للمطيـر=
حومته بالسمـا ساعـة لقلبـه دوا
واعذاب الجناح اللّي يجـره كسيـر=
كّلما فزّ مكسور النواهـض هـوى
وفي الوقت الذي يدس الفيصل معاني الانطلاق والأسر
والانقياد والتحرر في قصيدته فيستخدم رمزية مشبعة بالشعر ليرمي إلى شيء آخر،
يستخدم الشاعر الشيخ عبدالعزيز سعود الصباح الوصف الواضح غير الرمزي في تشوقه
لرحلة المقناص واقتراب موسمه الذي ينتظره عاشقه بفارغ الصبر، فيقول:
بكره ليا ذعذع بـراد الصفـاري=
القيض راح وقربت هدة الطيـر
قرب هداد مصخـرات الحبـاري =
اللي لهن عند اهل الصنف توقير
بأتلى شهر عشره وذيك المحاري=
يا كثرهم دوار بـرق الدواغيـر
ويوافقه الشاعر شبيب المطيري في حالة الانتظار
والشوق الشديد لموسم الأنس والمتعه والانطلاق من عالم المدينة وضجيجها الى فساحة
الصحراء ولياليها المقمرة، فيقول:
يا مرحبا بسهيل جتنا لياليه =
عسى علينا كل عام يعـود
وقت نحبه والصقاقير ترجيه =
ونعد له في كل يوم اعدودي
أما الشاعر سمير الهرشاني فيذهب إلى أمنياته في هذا
المجال، ويبسط صورة جميلة لمقناص يحبه في مكان يختاره:
يا زين هد الطير في وسط غابه =
اما طلوع الشمس والا الطفيليل
ان شاف له جول تدراج عثابه =
جايع وشفقان على شوفهن حيل
ولكن الشاعر سمير الهرشاني في ابيات أخرى يصف خيبة
ما من موضع ما فينقل الى صاحبة الحال غير الجيدة والوضع المزري للقنص في هذه
الايام؛ فيقول:
يا بو خليفه خل عنك الجماهيـر=
درب الصقاره والقنص سد ريعه
يا دعيج مافي البر كود الخواضير=
هن وام سالـم قوعهـن قطيعـه
وقد سبقه الشاعر مرشد البذال رحمه الله بهذا الاحساس قبل
سنين طويلة، فقال معزياً في حال القنص:
اليوم قل الصيد من كل الاوطان=
زود على قل الطيور وغلاهـا
آخر زمان ناقل الطير تعبـان=
يبحث خفايا صيدةٍ مـا لقاهـا
أما الشاعر حمد السعيد فيصف طيره متغزلا به وباسمه حيث
كان هدية من الامير عبدالعزيز بن سعود (السامر) فيقول:
يالبازعي طيري طلع مثل راعيه =
زولٍ وفعـلٍ والمـواري تشابـه
بالطلع موقف ما لقي من يماريه=
عساه يسلم سيدي يـوم جابـه
له ماكرٍ في بر فـارس محاريـه =
كني اشوفه يوم خاطـوا قطابـه
صفاة وجهه مع شدوده توديـه =
ضمن الحرار ولا وراها طلابـه
النادر اللي يوم عزمـت اسميـه =
سميته السامر واشوفـه زهابـه
ليا مسح وجهه ونهض مواطيـه =
يطري علي اللي عزيـزٍ جنابـه
به من طبوعه مشبع اللي حواليه =
وماخذ من طبوعه ليان بصلابـه
ويصف الشاعر سلمان بن دغيم تلك الجلسات الممتعة
التي تجمع الأحبة في رحلات القنص التي يبقى طعم فرح القلب بها ليال طويلة يتشوق من
عاشها ان يستعيد ذكراها دوما:
يا زين جمعتنا علـى شبـة النـار=
نـارٍ سناهـا لــدلال المباهـيـر
امكرمـات وسطهـن بـن وبهـار=
وسوالفٍ تطرب سمـوع المناعيـر
ناخذ لنا فالوقـت سجـة ومشـوار=
بين الفياض اللي زهتها النواويـر
أرضٍ خـلا مـا داجهـا كـل دوار
غير الحباري واشقح الريم ماذيـر
تلقى جرايرهن مع الروض عبـار=
زرق الغلب برق الظهور المخاميـر
هي منوة الي بالصقارة لهـم كـار=
تشفق ضمايرهم على تلـة السيـر
لا حولوا في فيضـة كنهـا الطـار=
ويبدع الشاعر شبيب بن عرار النعيمي في وصف اجواء المقناص
في هذه الأبيات:
ياهل الطيـور مبعديـن المراويـح
ياللـي لكـم فالبـر والصيـد راده
سهيـل بيّـن وأرزمـن المراويـح
والنود عقب القيض ذعـذع بـراده
والجو زان وزان وقـت المساريـح
وكل(ن)يجهـز ياالنشامـا عـتـاده
من فوق مايدنـي بعيـد المشاويـح
طرزه جديد ومركب أهـل السيـاده
من مصنعه صمم لبوج الصحاصيـح
ومن مصدره صدر ومعـه اعتمـاده
شفي اليا انحـن النجـوم المدابيـح
اليـا اهتنـى للنـوم راس الربـاده
تله على خط(ن) تعاوى بـه الريـح
مسراه طـول اللـي مامـن هـواده
ينصى الفياض اللي بها زايف الشيح
قفر(ن) عليها الوسـم هـل القـلاده
وهكذا.. لايحلو المقناص إلا بوجود الشعر.. يصف ويعالج ويثير الشجن
ويبث الحماس.. وقد يكون السلوى الوحيدة للقناص إذا فقد طيرة!